بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما
ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه
، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول
فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، اللهم أخرجنا من ظلمات
الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات
القربات .
أيها الإخوةالكرام ، مع
درس جديد من دروس التربية الإسلامية ، وسيكون محور هذا الدرس ما نحن
قادمون عليه بعد عدة أسابيع من فريضة تعد ثاني أكبر العبادات في الإسلام .
أصول الإسلام :
لكن
بادئ ذي بدء : العبادات في هذا الدين العظيم كما قال الإمام الشافعي :
معللة بمصالح الخلق ، إن صح أن هناك مثلثاً لهذا الدين العظيم :
المقطع الأول : العقائد .
المقطع الثاني : العبادات .
المقطع الثالث : المعاملات .
المقطع الرابع : الآداب .
فالدين عقيدة ، وعبادة ، وأحكام تعاملية ، وآداب .
[b]1 – العقيدة :[/b]
والعقيدة تقع على رأس هذه الأقسام ، وإن صحت العقيدة صح العمل ، وإن فسدت العقيدة فسد العمل
[b]2 – العبادات :[/b]
المقطع الثاني : هي العبادات ، العبادات كما قال الإمام الشافعي : معللة بمصالح الخلق ، فالصلاة بنص القرآن الكريم :[b] (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (45) العنكبوت)[/b]
[b]أ ـ الصلاة :[/b]
الله
عز وجل ملك الملوك ، خالق السماوات والأرض ، يمكن أن يأمرنا أن نصلي ولكن
رحمة بنا أعطانا تعليلاًً للصلاة ، كلما كان الآمر أكمل أعطى المأمور
التعليل قال : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (45) العنكبوت)
إذاً : الصلاة معللة بمصالح الإنسان ، تنهاه عن الفحشاء والمنكر ، والفحشاء والمنكر سبب هلاكه في الدنيا والآخرة .
الآن
هذا التعليل مهمته أنه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فما قطف
ثماراً من الصلاة ، لئلا تقوم بأفعال لا معنى لها ، لئلا تقوم بأفعال لا
فائدة منها ، لئلا تقوم بأفعال مفرغة من مضمونها ، قال : [b]﴿ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ .[/b]
النبي عليه الصلاة والسلام قال : [b](( الصلاة طهور )) [ ورد في الأثر][/b]
مستحيل
أن يكون المصلي حقوداً ، الحقد مرض ، مستحيل أن يكون المصلي ظالماً ،
الظلم مرض ، مستحيل أن يكون المصلي مستكبراً ، الكبر مرض ، واحد .
الشيء الثاني : الصلاة حبور ، سعادة ، (( [b]أرحنا بها يا بلال )) [ أبو داود][/b]
فالذي لسان حاله يقول : أرحنا منها لم يقطف ثمار الصلاة ، فرق كبير بين أرحنا بها ، وبين أرحنا منها .
والصلاة نور ، من خلال الصلاة ترى الخير خيراً والشر شراً ، ترى الخير خيراً فتتبعه ، وترى الشر شراً فتجتنبه ، والدليل :[b]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ
يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ
بِهِ (28) الحديد). [/b]
فالصلاة
نور ، والصلاة طهور ، والصلاة حبور ، والصلاة ميزان ، هل تستطيع ، وبلا
مجاملة إن ارتكبت إثماً ، أو اعتديت على إنسان على ماله أو على عرضه أن
تصلي ، بإمكانك أن تقف ، وتقرأ الفاتحة وسورة ، بإمكانك أن تركع وتسجد ،
لكن ليس بإمكانك أن تتصل بالله ، لأن ذنبك حجبك عن الله عز وجل ، فالصلاة
ميزان صارت [b].[/b]
[b](( الصلاة مكيال فمن وفى استوفى )) .[ رواه ابن المبارك عن أبي هريرة ] .[/b]
[b](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ (43) النساء)[/b]
فالذي لا يعلم ماذا يقول في الصلاة إذاً هو لم يصلِ الصلاة التي أرادها الله .
[b](( ليس للمؤمن من صلاته إلا ما عقل منه )) [ أخرجه أحمد عن عمار بن ياسر ] .[/b]
الصلاة قرب ، وفي القرآن الكريم : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) العلق
الصلاة دعاء :[b]
(اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ
عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)) الفاتحة .[/b]
الصلاة ذكر : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) طه)
الصلاة معراج المؤمن ، الصلاة أصل الطاعات ، وغرة العبادات ، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات .
إذاً العبادات في الإسلام معللة بمصالح الخلق ، هذه الصلاة .
[b]ب ـ الصيام :[/b]
الصيام منطلق حديثنا .
[b](( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا )) [ رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس ] .[/b]
[b](( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )) [ أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة ] .[/b]
معنى
ذلك أنه في الصيام بحسب الواحد الديان : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة)
لعلك إذا صمت ، وتركت كل المعاصي والآثام ، وأقبلت على الواحد الديان ، واشتققت منه النور رأيت الحق حقاً والباطل باطلاً :
[b]﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .[/b]
إذاً العبادات معللة بمصالح الخلق .
[b]ت ـ الزكاة :[/b]
[b](خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (103) التوبة)[/b]
الغني يطهر من مرض الشح ، قال تعالى :
[b](وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر)[/b]
ومن
أدى زكاة ماله أذهب الله عنه الشح ، والفقير يطهر بالزكاة من مرض الحقد ،
لأن الفقير يحقد ، فإن أعطيت له الزكاة لا يغدو حاقداً ، والمال يطهر من
تعلق حق الغير به (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
وَتُزَكِّيهِم بِهَا (103) التوبة)
التزكية
أي أن نفس الفقير تنمو ، لأنه شعر أن المجتمع لم ينسه ، ونفس الغني تنمو
حينما يشعر أنه أدخل الفرحة على قلوب الآلاف ، والمال ينمو ، التعليل :
(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ (103) التوبة)
[b]ث ـ الحج :[/b]
[b]((من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن لا لبيك ولا سعديك ، وحجك مردود عليك )) [ ورد في الأثر ][/b]
لذلك قال تعالى :[b] (ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ (97)) المائدة)[/b]
أنت لمجرد أن تعلم أن الله يعلم فقد حققت الثمرة من الحج .
بل والنطق بالشهادة من أركان الإيمان ، أن تشهد أنه إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، يقول عليه الصلاة والسلام :
[b]((من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل وما حقها ؟ قال أن تحجبه عن محارم الله )) .[/b]
قلت كلمة في بداية الدرس : العبادات في الإسلام معللة بمصالح الخلق ، لو أردنا أن نقف موقفة متأنية عند الصيام .
[b][b]من تعريفات الصيام :[/b][/b]
[b]أنه
عبادة الإخلاص ، كيف ؟ قد يأتي رمضان في الصيف ، واليوم في الصيف طويل ،
قد يقترب من 17 ساعة ، والحر شديد ، والعطش يكاد يميت الإنسان ، تدخل إلى
بيتك ، وليس في البيت أحد ، الثلاجة فيها ماء عذب فرات بارد ، ولا تستطيع
أن تضع قطرة ماء في جوفك ، لماذا ؟ من يحاسب ؟ لا أحد في الأرض يحاسبك ،
لذلك :[/b]
[b][b]((كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )) [ متفق عليه ] . [/b][/b]
[b]أول شيء الصوم عبادة الإخلاص .[/b]
[b][/b]
[b][b]حِكمة الصيام : دورة تعبّدية[/b][/b]
[b][/b][b][b][b]1 – دورة تعبدية :[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]لكن
ما حكمته ؟ أنت في أشهر العام تأكل الطعام والشراب ، هل تشعر بذنب إذا
تناولت طعام الإفطار ؟ هل تشعر بذنب إذا شربت كأس ماء ؟ في أيام الإفطار هل
تشعر بذنب إذا قاربت زوجتك ، وهي حلال لك ؟ أبداً إطلاقاً ، ولا واحد
بالمليون ، الأشياء المباحة الحلال التي أبيحت لك ، ولا شيء عليك لو
مارستها محرمة في نهار رمضان ، إذا كان تناول الطعام والشراب وهو مباح في
غير رمضان ، محرماً في رمضان ، فلأن أن تدع المعاصي والآثام من باب أولى ،
كأن الله عز وجل قوى فيك الإرادة ، أنت ممتنع عن الطعام والشراب فهل يعقل
أن تكذب ؟ هل يعقل أن تغتاب ؟ هل يعقل أن تقول الباطل ؟ هل يعقل أن تغش
المسلمين ؟ أنت تارك الطعام والشراب الحلال تاركه ، فلأن تدع الحرام من باب
أولى ، فكأن الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر قوى لك الإرادة على أن تصوم
رمضان .[/b][/b]
[b][/b][b][b]الإنسان أحياناً يستثني دورة محدودة ، قد لا يحتمل أن يدرس لخمسين سنة قادمة ، أما دورة في ثلاثين يوما فقط يستطع .[/b][/b]
[b][/b][b][b][b]2 – شهر المغفرة :[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]بالمناسبة [b]:[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b](( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه ] .[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b](( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه ] .[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]للتقريب
: المفاهيم المعاصرة واحد عليه 8 ملايين دينا ، أمواله كلها محجوزة ، عليه
محاكمة ، وعليه سجن ، قيل له : افعل هذه الأفعال ثلاثين يوماً فقط ،
وبعدها أنت معفى من كل شيء ، 8 ملايين ألغيت ، والمحكمة ألغيت ، والحجوزات
ألغيت ، هل يتردد الواحد منا ثانية ؟ أنت في رمضان تفتح مع الله صفحة جديدة
.[/b][/b]
[b][/b][b][b][b](( من صام رمضانـ هذا في الصحاح ـ إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) .[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b](( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) .[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]إذاً أنت أمام فرصة ذهبية ، كيف ؟ تفتح مع الله صفحة جديدة .[/b][/b]
[b][/b][b][b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b]دع الأشغال وحلَّ المشكلات إلى ما بعد رمضان :[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b]
[b][/b][b][b]لكن
هناك فكرة دقيقة ، يجب أن تكون سرعتك في رمضان مئة ، أنت هنا صفر ، أو
واحد ، أنت لا تقدر أن تمشي على الواحد ، لـ29 شعبان ، وتقفز فوراً للمئة ،
لا تستطيع ، المفروض أن تهيئ نفسك ، هناك مشكلة حلَّها قبل رمضان ، مشكلة
عويصة أجّلها إلى ما بعد رمضان ، محاولة كسوة بيت افعلها قبل رمضان ، لأن
رمضان شهر عبادة ، شهر تفرغ ، والحقيقة النبي عليه الصلاة والسلام كان
يعتكف في رمضان ، وهو انقطاع عن العالم الخارجي كلياً ، أنا قد لا أحثكم
على أن تعتكفوا ، الحياة معقدة ، الحياة معقدة جداً ، ولكن معنى الاعتكاف
أن تنقطع عن العالم الخارجي ، عن عالم القيل والقال ، والسؤال والجواب ،
والنقد ، والهموم والأحزان ، هذا شهر دورة تدريبية مع الله ، لأن العبادة
فيها شحنة .[/b][/b]
[b][/b][b][b][b]3 – شهر الشحنة الإيمانية :[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]أوضح
مثل على ذك : الهاتف المحمول يحتاج إلى شحن ، فإن لم تشحنه تنطفئ شاشته
ويسكت ، أصبح قطعة بلاستيك لا قيمة لها إطلاقاً ، وأنت كمؤمن تحتاج إلى شحن
، الشحن كم نوعا ؟ عندنا شحن يومي ، كلما وقفت في الصلاة من أجل أن تُشحن
شحنة روحية ، لذلك : (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا
وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)
المزمل)[/b][/b]
[b][/b][b][b]حينما
تُشحن في صلاة الفجر تشعر طوال اليوم أنك ترى الحقيقة ، وأنك مالكٌ
لجوارحك ، وأن كلامك سديد ، وأن قلبك مستنير ، وأن نفسك مطمئنة ، وأن رحمة
الله تحفّ بك ، وأن توفيق الله عز وجل يؤيدك [b].[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]إذاً
الصلاة شحنة ، لكن طبيعة الصلاة ثلث ساعة ، شحنة من الصباح إلى الظهر ،
الظهر شحنة ثانية إلى العصر ، العصر شحنة ثالثة ، إلى المغرب ، المغرب شحنة
إلى العشاء .[/b][/b]
[b][/b][b][b]صلاة
الفجر ، كنت في الفراش ، فالسنة قبلية وأنت نائم ، فالسنة قبل الفرض تدريب
، الفرض صحوت ، باعتبار تعبك طوال النهار السنة في العشاء بعدية ، السنة
أقرب إلى النوم ، الفجر السنة قبلية ، العشاء سنة بعدية ، في الفجر نفسك
صافية ، وفي العشاء ركعتان تكفيان ، الظهر كنت في المحل التجاري ، واحد أخذ
عليك مبلغا ، والثاني أزعجك ، ما اشترى ، والرابع طالبك بدينه ، أنت مشوش ،
تصلي أربع ركعات ، اثنتين قبل ، واثنتين بعد ، دائماً الركعات القبلية
تهيئة ، والبعدية ترميم ، ما فاتك من الفرض ترممه في السنة البعدية ، لذلك
صلوات النهار طويلة ، أما الفجر قصيرة ، صحوت صافي الذهن ، شحنة ، لذلك قال
عليه الصلاة والسلام :[/b][/b]
[b][/b][b][b][b](( الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما )) [أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة ] .[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]رمضان
ثلاثون يوما من الصيام ، ومن قراءة قرآن ، ومن الذكر ، ومن صلاة الفجر في
المسجد ، ومن صلاة العشاء في المسجد ، وكل يوم عشرون ركعة تراويح ، وثلاثون
يوما من الإنفاق ، وغض بصر ، وضبط لسان ، رمضان شحنة من العام إلى العام ،
الحج شحنة إلى بقية العمر ، شهر من السفر وترك الأهل والأولاد ، واستقبال
الكعبة ، والطواف ، والسعي ، ووقوف بعرفات ، ووقوف بمنى ومزدلفة ... إلخ .[/b][/b]
[b][/b][b][b]إذاً : العبادات شحنات ، وكلما كان الأمد أطول كانت الشحنة أشد ، هذا معنى من معاني الصيام .[/b][/b]
[b][/b][b][b][b]4 – الصيام تقوية النفس على الإرادة :[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]الصيام بادئ ذي بدء : عودك على أن تطيع الله ، لأنك تركت المباحات ، فلأن تدع المنهيات من باب أولى .[/b][/b]
[b][/b][b][b]إذاً
المسلم يصوم بفمه وجوارحه في رمضان ، وفي شوال يفطر بفمه فقط ، وتبقى
جوارحه صائمة إلى نهاية العام ، وغض بصره ، وضبط لسانه ، وتحري الحلال ،
هذا طوال العام ، هذا واحد .[/b][/b]
[b][/b][b][b]إذاً
: الصيام تقوية الإرادة على طاعة الله ، لكن نحن نتمنى من أعماق أعماقنا
ألاّ يكون صيامنا صيام حديث ، موسم رمضان في المجتمعات المعاصرة موسم
الأفلام ، موسم الفن ، موسم السهرات ، موسم الولائم ، موسم التخمة ، موسم
السهر إلى ساعة متأخرة من الليل ، المؤمن يجعل من هذا الشهر شهر عبادة ، لا
شهر لقاءات وولائم ، وما شاكل ذلك ، والطبقة المخملية ـ والعياذ بالله ـ
صيام رمضان عندها فلكلور ، تأتي إلى الخيام الرمضانية تبدأ الخيمة بتناول
طعام الإفطار ، وتنتهي بالرقص والموسيقى والغناء ، رمضان عند الشاردين موسم
فني فقط ، وكل الأعمال الساقطة يكتبون عنها : " إكراماً لقدوم شهر رمضان
المبارك " ، نحن كمؤمنين هذا الشهر شهر عبادة ، يمكن أن تقفز قفزة نوعية في
هذا الشهر .[/b][/b]
[b][/b][b][b][b]5 ـ الشعور بالافتقار إلى الله :[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]شيء آخر : الله عز وجل قال : (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (2) النساء)[/b][/b]
[b][/b][b][b]لكنه
قد لا يرى ضعفه ، له منصب رفيع ، قوي الشخصية ، معه اتصالات ، ألف إنسان
يخضعون له ، لكن برمضان الساعة 12 نشف لسانه ، خواطره كلها كأس ماء بارد ،
كأس عرق سوس ، كأس عصير ، شيء بارد ، كأن الله أراد في رمضان أراد أن
يشعرنا بافتقارنا إليه ، لما قال الله عز وجل في الأنبياء :[b]
(لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20) الفرقان)
[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]ما معنى ذلك ؟ هذا الذي يأكل الطعام أي هو مفتقر في استمرار وجوده إلى أن تناول الطعام ، إذاً هو ليس إلهاً ، الله عز وجل قال :[b]
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) الإخلاص)[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]الصمد
، يعني أن وجوده ليس مفتقراً إلى غيره ، أما أنت فإن أغلقت أنفك تختنق ،
أنت مفتقر للهواء ، وأكثر من ثلاث دقائق تموت ، وأنت مفتقر للماء ، ومفتقر
للطعام ، ومفتقر للنوم ، ومفتقر لزوجة ، مفتقر إلى بعض الأدوات والأجهزة ،
لذلك في رمضان يشعر المؤمن بافتقاره إلى الله عز وجل ، فما هي العبودية ؟
أن تفتقر إلى الله (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ
أَذِلَّةٌ (123) آل عمران)[/b][/b]
[b][/b][b][b]يعني مفتقرون ، أما في حنين فلم يكونوا مفتقرين ، فقالوا[b] :[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b]((لن تغلب اليوم من قلة )) [ أخرجه البيهقي عن أنس ] . [/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]نحن كثر (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ (25) التوبة)[/b][/b]
[b][/b][b][b]أيها
الإخوة ، إحساسك بالجوع والعطش نوع من الافتقار إلى الله ، أنت ـ عفواً ـ
لا تعرف قيمة هذا القميص الذي ترتديه إلا في الحج ، حيث ترتدي منشفتين ،
هنا قميص له أكمام ، له أزرار ، فضفاض ، هناك ترتدي منشفتين ، لا تعرف قيمة
الثياب إلا في الحج ، لذلك من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام :[/b][/b]
[b][/b][b][b][b](( اللهم أرنا نعمك بوفرتها لا بفقدها )) [ ورد في الأثر ][/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]الشيء
بالشيء يذكر : نحن كنا ننعم بما يسمى بتوازن القوى في العالم ، بوجود
معسكرين كبيرين بينهما حرب باردة ، وكلما تحرك معسكر ليأخذ ما ليس تصدى له
المعسكر الآخر ، فكل الدول الضعيفة تنعم برخاء بأمن واستقرار ، لوجود
معسكرين ، لكن يوم كنا نعيش هذه الحرب الباردة ما كنا نعرف أن في الأرض
معسكرين ، أما حينما انفرد قطر واحد رأينا منه الأهوال ، رأينا منه القهر ،
والنهب ، والسلب ، والإذلال ، رأينا منه أنه فرض علينا ثقافته وإباحيته .[/b][/b]
[b][/b][b][b]إذاً
البطولة أن ترى النعمة بوفرتها ، لا بزوالها ، جميع الأغبياء يعرفون النعم
عند غيابها ، لكن الأذكياء الموفقون يعرفون النعم بفورتها .[/b][/b]
[b][/b][b][b]لذلك
مرة سأل وزير ملكا ، وقد طلب كأساً من الماء ، قال له : يا أمير المؤمنين ،
بكم تشتري هذا الكأس من الماء لو منع منك ؟ قال : بنصف ملكي ، قال : فإذا
منع إخراجه ؟ قال : بنصف ملكي الآخر ، مُلك طويل عريض يساوي كأس ماء .[/b][/b]
[b][/b][b][b]لذلك نحن في رمضان مفتقرون إلى الله ، بكأس ماء ، لقمة طعام .[/b][/b]
[b][/b][b][b][b]5 ـ الشعور بمعاناة الفقر والجائع :[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]شيء
آخر : فكرة ، ومعاناة : لو أن لك صديقا نشأ خلاف بينه وبين زوجته ، وزوجته
تركته إلى بيت أهلها ، أنت عندك فكرة أن زوجة صديقك ذهبت إلى بيت أهلها ،
هذه فكرة لا تقدم ولا تؤخر ، ولا تؤثر على سلامتك وسعادتك ، أما الصديق
فيأتي ظهراً فلا يجد زوجة ، وطبخا ، ولا طعاما ، الأولاد يحتاجون إلى عناية
، الصديق عنده المعاناة ، وأنت عندك فكرة هجر الزوجة ، الفرق كبير .[/b][/b]
[b][/b][b][b]مثلاً : لو أريتك خارطة لقصر ، وفيها كل شيء ، الطوابق ، والغرف مساحاتها ، الشرفات ، هذه فكرة ، أما أن تملك هذا القصر فشيء ثانٍ .[/b][/b]
[b][/b][b][b]لو قلت لك : مئة مليون دولار ، هذه واضحة ، بين أن تملكها وأن تنطق بها فرق كبير جداً ، مئة مليون دولار ، النطق بها سهل جداً .[/b][/b]
[b][/b][b][b]لذلك
في رمضان تعرف معاناة الفقير أبداً ، الفقراء في أول الثورة الفرنسية ما
وجودوا خبزا ، تقول ماري أنطوانيت : يأكلون ( الكاتو ) ، إذا ما وجد أحدنا
خبزا يأكل ( الكاتو ) ، وهو أطيب ، فلا معاناة إطلاقاً .[/b][/b]
[b][/b][b][b]لذلك قالوا :[/b][/b]
[b][/b][b][b]لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها[/b][/b]
[b][/b][b][b]***[/b][/b]
[b][/b][b][b]أنت
في رمضان يمكن أن تعاني مشكلة الفقير ، أنت جائع ، الذي ملأ معدته بالأكل
لا يعنيه ، أما الجائع فمنظر الأكل ، ورائحة الطعام تعنيه ، إذاً : يمكن أن
تشعر بجوع الفقير في رمضان ، وأن الجوع شيء لا يحتمل ، الله عز وجل ذكر
نعمتين عظيمتين من نعمه ، فقال : (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ
وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) قريش)[/b][/b]
[b][/b][b][b]أكبر نعمتين على الإطلاق أن تأكل فلا تجوع ، وأن تأمن فلا تخاف ، الآن أكبر عقابين للأقوام الفاسدة :
[b](وَضَرَبَ
اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا
رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ
فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ
يَصْنَعُونَ (112) النحل)[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]أكبر نعمتين الشبع والأمن ، وأكبر نقمتين الجوع والخوف، [b]﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ .[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b]﴿
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ
اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ ﴾.[/b][/b][/b]
[b][/b][b][b]إذاً أنت في رمضان فضلاً عن أنك تستعين بالصيام على طاعة الله التامة لأنك تركت الحلال ، تركت المباح فلأن تدع الحرام من باب أولى .[/b][/b]
[b][/b][b][b]وأعانك الله بالصيام على أن تشعر بجوع الفقير ، أعانك الله بالصيام على أن تشعر بعبوديتك لله عز وجل .[/b][/b]
[b][/b][b][b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b]الصيام عبادة جماعية :[/b][/b][/b]
[b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]شيء
آخر ، الصيام عبادة جماعية ، تصور بلدنا خمسة ملايين في دمشق يأكلون في
ثانية واحدة عقب إطلاق مدفع الإفطار ، الطرقات فارغة ، عبادة جماعية ،
النظام محبب ، فكأن الله سبحانه وتعالى أرادنا أن نُنظم ، تجد في رمضان
النظام ، الإمساك عن الطعام يتم مع أذان الإمساك ، الصلوات في المسجد ،
الفجر في المسجد ، العشاء في المسجد ، الإفطار في وقت واحد ، لذلك الصيام
عبادة جماعية ، يعلّم التعاون ، يعلّم النظام .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]حدثني
مرة أخ والده ضابط ، نحن من ثلاثين سنة نتناول طعام الغداء مع دقات ساعة
بيك بن ، الساعة الثانية ، في البيت نظام صارم ، وجبات الطعام لها أوقات .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]النظام
حضارة أيها الإخوة ، أحياناً يأتي سائح أجنبي يرى الطرقات عند المغرب
فارغة ، ما هذا ؟ يشعر أن هناك عبادة جماعية ، الله عز وجل أرادنا أن نكون
منظمين (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ
صَفًّا (4) الصف)[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]الصلاة أيضاً فيها نظام ، فيها أقات .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]مرة قال لي أحدهم : أنا أصلي قبل دخول العصر ، وهذا أكثر راحة لي ، هناك نظام صارم جداً في الصلوات الخمس ، وفي الصيام .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]حج
رجلٌ بيت الله الحرام ، له منصب رفيع بمصر ، في أثناء العودة بالطائرة قال
: والله هناك عناية بالغة ، لكن لو أقاموا الحج على خمس دورات ، كل شهرين
دورة لا يكون هناك ازدحام ، أين هو من فهم هذه العبادة ؟! هي عبادة اجتماع .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]أنا
كنت في القاهرة بمؤتمر إسلامي ، طربت طرباً شديداً لاقتراح وزير أوقاف
مسلم قال : لو أن كل حاج باستمارته تكتب حرفته ، وعلى الكمبيوتر نفرزه ،
مثلاً : مدرسو الجامعات يعقدون مؤتمرا بمنى لحلّ المشكلات ، والهموم
المشتركة ، عندكم صناعيين يقيمون مؤتمرا ، وللمزارعين مؤتمر ، وللتجار
مؤتمر ، ولأصحاب الوظائف المعينة مؤتمر ، الحج كأن الله أرادك أن تلتقي بكل
المسلمين .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]والحقيقة في الحج يرى الإنسان من كل الجنسيات .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]إذاً
: أراد الله من الصيام أن تكون عبادة جماعية ، والعزائم التي يقوم بها
المؤمن ، ويفتقر إليها بعض المؤمنين تؤدى في رمضان بيسر وسهولة .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b]إذاً
: أيها الإخوة ، هذه بعض الملامح التي تلوح في الأفق بهذا الشهر الكريم
الذي هو فرصة ذهبية لا تعوض إلا بعد عام آخر ، كي تصطلح مع الله .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b][/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][b][b]الخلاصة :[/b][/b][/b][/b]
[b][/b][b][b][b]بالمناسبة
، إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض ، أن هنئوا
فلاناً فقد اصطلح مع الله ، إذا رجع العبد إلى الله أنسى الله الملائكة
وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه ، إذا تاب العبد توبة نصوحاً أنسى الله
حافظيه ، والملائكة ، وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه ، ورمضان فرصة لفتح
صفحة جديدة مع الله ، فرصة جديدة للإقبال على الله .[/b][/b][/b]
[b][b][/b][/b][b][b][/b][/b]
[b][b][b][b]